الاثنين، 2 نوفمبر 2009

التطفل

وأتى طفيلي إلى مائدة واقتحم وأخذ مكانه بين الناس.. فقال له صاحب البيت: لو صبرت حتى يؤذن لك.. لكان أحسن لأدبك.. فقال الطفيلي: إنما اتخذت البيوت ليدخل إليها والموائد ليؤكل عليها والشحنة قطيعة واطّراحها صلة، وقد جاء في الأثر صل من قطعك وأحسن إلى من أساء إليك..

وقد تبع طفيلي بعض الشعراء وهم يقصدون دار الإمارة ونفسه تحدثه أنهم بلا شك مدعوون إلى وليمة: فلما وقفوا بين يدي الأمير أنشد كل منهم شعراً ونال جائزته.. وبقي الطفيلي وهو جالس ساكت فقال له الأمير: أنشد شعرك.. فقال: لست بشاعر.. فقال الأمير: فمن أنت؟.. قال: أنا من الغاوين الذين قال الله تعالى في حقهم «والشعراء يتبعهم الغاوون» فضحك منه وأعطاه جائزة..

ولكن كثيراً ما كان هذا التطفل يقترب بصاحبه من نهاية مأساوية تطيح بحياته وتودي به.. فقد أمر المأمون يوماً بعشرة من الزنادقة أن يحملوا إليه، ورأى طفيلي هؤلاء والعسكر يجمعونهم فقال في نفسه: والله ما اجتمع هؤلاء إلا إلى وليمة فتبعهم ودخل بينهم.. وما أسرع أن قيد هؤلاء وحملوا إلى المأمون، فجعل يدعو بأسمائهم ويناظرهم ثم يأمر بضرب أعناقهم حتى انتهى إلى الطفيلي فقال في هلع: امراتي طالق إن كنت أعرف من أحوالهم شيئاً إنما أنا رجل طفيلي، وقد رأيتهم مجتمعين فظننت أنهم ذاهبون إلى دعوة فتبعتهم.. فضحك المأمون وخلّى سبيله..

ليست هناك تعليقات: